الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
59823 مشاهدة
الرد على من قال إن القرآن مفترى

...............................................................................


لما كان المشركون يدَّعون ذلك، قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ يعني: اختلقه وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا وتكلموا بكلام بُهت. هكذا يقول: فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ يعني: أكاذيب الأولين بمعنى أنهم كذبوه وافتروه: وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وكذلك قال تعالى: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قال: قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ما يكون لي ولا يحق لي أن أبدله من تلقاء نفسي، فليس هو كلامي، وإنما هو منزل من الله فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ والآيات كثيرة في إثبات أنه ليس بمفترى .
الرد على الذين يقولون: افتراه. قال تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ يعني: أعلم بما تتكلمون فيه وما تقولون في هذا القرآن، ويقول: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا يعني أنه إفك، وأنه كذب، وأنه مفترى، فتحداهم الله، وقال: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ما قدروا على أن يعارضوه، وأن يأتوا بعشر سور وقال تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا .
ولما كان كلام الله اكتسب هذه الفضيلة، فاكتسب أولا أنه يُتَعَبَّد بتلاوته. ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: من قرأ حرفا من القرآن فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف يعني: من قرأ: الم؛ فله ثلاث حسنات، وكل حسنة بعشر أمثالها فكيف إذا أكثر من قراءته.
كذلك أيضا أنه معجز للبشر. تحداهم الله أن يأتوا بمثله قال تعالى: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فعجزوا، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور فعجزوا، ثم تحداهم بسورة فقال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ادعوا أعوانكم، وادعوا شهداءكم، وادعوا شفعاءكم على أن تعارضوه، وتأتوا بسورة من مثله، ثم قال: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا أي: لا تفعلون أبدا فَاتَّقُوا النَّارَ .
كذلك أيضا اكتسب حَمَلَتُه هذا الفضل، اكتسبوا فضلا كبيرا، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحث على قراءة القرآن، ويفضل حَمَلَة القرآن ويقول: يؤم القوم أكثرهم قرآنا أقرؤهم لكتاب الله. يعني أقرؤهم يعني: أحفظهم لكتاب الله تعالى، فجعله هو الأفضل في إمامتهم في الصلاة، ولا شك أن ذلك دليل على الفضل، ودليل على الميزة التي تميز بها هذا القرآن.
وكذلك أيضا لا تصح الصلاة إلا بقراءة القرآن، ولا يجوز فيها، ولا تجزئ فيها قراءة غيره، فذلك دليل على فضله.