من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية
74531 مشاهدة print word pdf
line-top
الرد على من قال إن القرآن مفترى

...............................................................................


لما كان المشركون يدَّعون ذلك، قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ يعني: اختلقه وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا وتكلموا بكلام بُهت. هكذا يقول: فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ يعني: أكاذيب الأولين بمعنى أنهم كذبوه وافتروه: وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وكذلك قال تعالى: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قال: قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ما يكون لي ولا يحق لي أن أبدله من تلقاء نفسي، فليس هو كلامي، وإنما هو منزل من الله فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ والآيات كثيرة في إثبات أنه ليس بمفترى .
الرد على الذين يقولون: افتراه. قال تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ يعني: أعلم بما تتكلمون فيه وما تقولون في هذا القرآن، ويقول: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا يعني أنه إفك، وأنه كذب، وأنه مفترى، فتحداهم الله، وقال: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ما قدروا على أن يعارضوه، وأن يأتوا بعشر سور وقال تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا .
ولما كان كلام الله اكتسب هذه الفضيلة، فاكتسب أولا أنه يُتَعَبَّد بتلاوته. ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: من قرأ حرفا من القرآن فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف يعني: من قرأ: الم؛ فله ثلاث حسنات، وكل حسنة بعشر أمثالها فكيف إذا أكثر من قراءته.
كذلك أيضا أنه معجز للبشر. تحداهم الله أن يأتوا بمثله قال تعالى: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فعجزوا، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور فعجزوا، ثم تحداهم بسورة فقال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ادعوا أعوانكم، وادعوا شهداءكم، وادعوا شفعاءكم على أن تعارضوه، وتأتوا بسورة من مثله، ثم قال: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا أي: لا تفعلون أبدا فَاتَّقُوا النَّارَ .
كذلك أيضا اكتسب حَمَلَتُه هذا الفضل، اكتسبوا فضلا كبيرا، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحث على قراءة القرآن، ويفضل حَمَلَة القرآن ويقول: يؤم القوم أكثرهم قرآنا أقرؤهم لكتاب الله. يعني أقرؤهم يعني: أحفظهم لكتاب الله تعالى، فجعله هو الأفضل في إمامتهم في الصلاة، ولا شك أن ذلك دليل على الفضل، ودليل على الميزة التي تميز بها هذا القرآن.
وكذلك أيضا لا تصح الصلاة إلا بقراءة القرآن، ولا يجوز فيها، ولا تجزئ فيها قراءة غيره، فذلك دليل على فضله.

line-bottom